-A +A
محمد داوود (جدة)

حذر الأطباء من التساهل مع الاشتراطات الصحية وخصوصا التطعيمات التي يجب أخذها قبل التوجه إلى المشاعر المقدسة من منطلق «الوقاية خير من العلاج». وأشاروا لـ«عكاظ» إلى أن موسم الحج يشهد وجود حجاج يعانون من أمراض مختلفة مثل القلب والسكري والضغط ومعاناة الحمل إلى جانب إمكانية التعرض للتسمم الغذائي -لا سمح الله- والتعامل مع الأدوية، مؤكدين على أنها جميعا تحتاج الى جرعات توعوية في كيفية مواجهة الحالات الطارئة.



حذر المشرف العام على كرسي محمد حسين العمودي لأبحاث القدم السكرية وأستاذ الجراحة واستشاري جراحة الأوعية الدموية في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة البروفيسور حسن بن علي الزهراني، مرضى السكري من التعرض للجروح اثناء تأدية فريضة الحج في المشاعر المقدسة، مبينا أن الحاج المصاب بالسكري أكثر عرضة للإصابة بمشكلات القدم السكرية عن غيره وبالذات اثناء اداء الطواف، حيث يتعرض بعض من هؤلاء لكدمات ناتجة عن الدهس، وكذلك احتمالية تعرضهم لكدمات من العربات المستخدمة أثناء السعي وتكون الإصابة اشد عندما يكون الحاج حافي القدمين.

وأضاف «ولأن المصاب بالسكري لا يشعر بالألم فقد يستمر في اداء النسك رغم وجود التهاب او كسر مما يفاقم الحالة ويؤخر علاجها، وكذلك قد يتعرض الحاج المصاب بالسكري لهذه المشاكل اثناء رمي الجمرات، حيث لاحظنا بعض الحالات التي يتعرض فيها المريض للمشي حافيا على سطح شديد الحرارة كالأسفلت المغطى في الشوارع وخصوصا في يوم عرفة (الوقفة)، لذا يجب اخذ الحيطة والحذر وعدم المشي حافي القدمين في هذا اليوم».

الزهراني دعا مرضى السكري الى ارتداء الحذاء (الشبشب) اثناء المشي والانتباه من عدم خروجه من الأقدام، مع اتباع الإرشادات الصحية والتعامل مع الجروح بالطرق الطبية التي تكفل الوقاية اللازمة وتجنب الحاج لتعرض قدمه الى مضاعفات كبيرة.

ولفت الى ان القدم السكرية مشكلة كبرى نتيجة عدم وعي مريض السكري بها، فنصف مرضى السكري لا يعرفون أنهم مصابون بالقدم السكرية، حيث إن استخدام القدم بشكل مستمر يعرضها للإصابة المتكررة، كما ان تلف الأعصاب يؤدي إلى قلة الشعور بالقدم وعدم الشعور بالألم عند الإصابة، لذلك فإن المصابين بالسكري معرضون لفقد أقدامهم أكثر من 25 ضعفا عن الأشخاص العاديين نتيجة البتر وتلك المشاكل يمكن تفاديها بالتوعية والعناية الطبية.

تطعيمات الحج

رأت طبيبة الأسرة في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة كريمة قوتة، أن هناك تطعيمات يجب أن يحرص عليها الحاج قبل التوجه إلى المشاعر المقدسة، منها ضد الحمى الشوكية (التهاب السحايا) وهو من التطعيمات الهامة جدا التي ينبغي أخذها قبل موسم الحج بعشرة أيام على الأقل، وتحمي من التهاب السحايا لمدة 3 سنوات من تاريخ التطعيم، كما ان المرأة الحامل تستطيع أخذ هذا التطعيم، ويوجد نوع آخر من تطعيم الحمى الشوكية وهو (اللقاح الرباعي) ويقي من المرض لمدة 5 سنوات ومتوفر حاليا في بعض المراكز الصحية.

وأشارت الى ان التطعيم ضد الانفلونزا يعتبر من التطعيمات الاختيارية ويحمي من أكثر أنواع فيروس الانفلونزا المنتشر في نفس الموسم، وينصح به بشدة لبعض الفئات مثل كبار السن ومرضى الفشل الكلوي والأنيميا المنجلية ومن لديه أمراض في الطحال، أو نقص المناعة لأي سبب (كاستخدام بعض أنواع الأدوية أو بعض الأمراض) والأمراض المزمنة في الرئة أو القلب.

المكورات الرئوية

رئيس قسم الأمراض المعدية في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في الرياض الدكتور عادل فهد العثمان، تطرق إلى موضوع المكورات الرئوية فقال: مرض المكورات الرئوية من الأمراض التي تصيب الإنسان عن طريق إصابته ببكتيريا المكورات الرئوية التي عادة تصيب الرئة (التهاب رئوي) وأحيانا تصيب مناطق أخرى من جسم الإنسان مثل التهاب السحايا البكتيري، مبينا ان مرض المكورات الرئوية ليس مقتصرا على مواقع الازدحام كالحج مثلا، بل هو موجود في جميع أوقات السنة ولا يحتاج الى اجراءات وقائية في مثل موسم الحج، ولكن هناك فيروسات اخرى وبكتيريا اخرى (غير المكورات الرئوية) تحتاج الى اجراءات وقائية في موسم الحج، بالاضافة الى الاحتياطات الاخرى في موسم الحج لمنع الاصابة بالفيروسات والبكتيريا اثناء الموسم حيث يجب على الحجاج اخذ امصال (تطعيمات) ضد فيروس الانفلونزا وبكتيريا التهاب السحايا، قبل موسم الحج بأسبوعين على الاقل.

ونصح العثمان بتجنب الازدحام بقدر الامكان، وأن تكون فترة الزحمة بشكل قصير قدر الامكان، ايضا اذا شعر احد الحجاج ان لديه عدوى فيروسية في جهازه التنفسي يجب ان يعرض نفسه على طبيب في مركز رعايه صحية لكي يشخصه ويعالجه ويقوم بالنصح اذا كان يجب ان يبتعد عن اماكن الازدحام لإمكانية نقل العدوى لأشخاص آخرين، ويفضل ارتداء الكمامة اثناء التنقل في المشاعر المقدسة.

التسمم الغذائي

نصحت أخصائية التغذية الإكلينيكية ريم القرني الحجاج باتباع نظام غذائي صحي قدر الإمكان، لتجنب الإصابة بالإمساك أو عسر الهضم أو أي مشاكل صحية أخرى، ودعت الى تناول أغذية صحية متوازنة خلال أيام الحج تشمل 3 وجبات رئيسية على الأقل، بالإضافة إلى وجبات خفيفة حسب الحاجة، وتناول كميات كافية من الماء لا تقل عن 8 أكواب يوميا، وشددت القرني على أهمية أن يتناول الحجاج الوجبات مباشرة وعدم تركها خارج الثلاجة، بالإضافة إلى أهمية مراعاة إرشادات النظافة في ما يخص النظافة الشخصية أو نظافة الأكل وأدوات الأكل، وتجنب تناول الأغذية التي لا يعرف مصدرها وخصوصا من الباعة المجهولين.

وعن التسممات الغذائية نوهت إلى أهمية مراعاة إرشادات النظافة في ما يخص غسل اليدين قبل الأكل، ومعرفة مصدر الطعام وغسل الأطعمة الطازجة جيدا قبل الأكل وعدم ترك الأطعمة بدرجة حرارة الغرفة لمدة تزيد على ساعتين وحفظ الأطعمة في مكان بارد بعد تغليفها والحرص على تناول البروتينات فورا بعد طبخها فهي أكثر أنواع الأطعمة القابلة للفساد بسرعة.

استخدام الدواء

حول الاستخدام الأمثل والآمن للدواء أثناء الحج يقول مدير سلامة المرضى والمشرف على التطوير بمستشفى الولادة والأطفال بجدة الدكتور منصور الطبيقي:

تعامل الحاج مع الدواء يكون على وجهين، أحدهما وقائي من الأمراض والآخر علاجي لها، أما الجانب الوقائي فهو يبدأ عندما ينوي الحاج أداء هذه الشعيرة الإسلامية العظيمة فينبغي له أخذ التطعيمات التي أوصت بها وزارة الصحة وهي لقاح الحمى الشوكية وذلك قبل الذهاب لتأدية مناسك الحج بـ10 أيام مع الحرص ألا يعطى للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر، واللقاح الآخر هو لقاح الانفلونزا الموسمية خاصة للمصابين بأمراض مزمنة كأمراض القلب والسكري وأمراض الجهاز التنفسي.

أما الجانب العلاجي فيبدأ عندما يجهز الحاج نفسه للرحلة العظيمة فيبدأ بتدوين أسماء الأدوية التي يستخدمها حتى يتاح له توفيرها حال فقدانها ويتأكد من صلاحية جميع أنواع الأدوية وتوفرها بالكميات الكافية التي تغطي فترة الحج، وعندما يصل الى البقاع المقدسة يتأكد من استعمال أدويته بانتظام وبالجرعات المناسبة كما وصفها له الطبيب كأدوية الضغط والربو وذلك قبل الشروع في أداء المناسك كما يجب تجنب أيضا الأدوية التي تهيج الربو كالأسبرين.

وأضاف: أما مرضى السكري الذين يستخدمون الأنسولين فيجب حفظه في حافظات بدرجة برودة مناسبة حتى لا يتعرض للتلف، وتحفظ الأدوية الأخرى في درجة حرارة مناسبة وبعيدة عن أشعة الشمس، كما يوصى أن يضع الحاج سوارا للمعصم موضحا به أنه مريض للسكر والدواء الذي يستخدمه للتعرف على حالة المريض عند الضرورة، كما ينبغي للمرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة إبلاغ طبيب الحملة والمشرفين بها عن حالتهم الصحية والأدوية الخاصة التي يستخدمونها.والتسلخات الجلدية واردة اثناء الحج نتيجة الاحتكاك وذلك لبعض الحجاج فينبغى الحرص على نظافة المنطقة بين الفخذين وتجنب المواد المهيجة في التنظيف كالكحول واستخدام المرطبات الجلدية كالفازلين أو بودرة التلك.

ونصح الطبيقي الحاج بعدم وصف أي دواء لأي شخص آخر لأنه قد يؤدي الى ضرر به أو مشاكل صحية لا سمح الله، وقد وفرت الدولة عشرات المراكز الصحية والمستشفيات التي كلف بها الآف الموظفين الأكفاء من أطباء وصيادلة وممرضين وغيرهم من الكادر الصحي والذين يسعون لتقديم خدمات صحية ناجعة مع المحافظ على صحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام.

الماء الحار

الدكتور خالد بن محمد إدريس استشاري طب وجراحة القدم والكاحل نبه حجاج بيت الله الحرام الذين بدأوا بالتوافد على مكة المكرمة من تعريض أقدامهم للجروح والخدوش خلال أداء المناسك، وشدد على ضرورة مراجعة أقرب مركز طبي وعدم محاولة تطبيب أنفسهم، ناصحا بعدم استخدام الماء الحار والكمادات الساخنة والمشي خلال المناسك حفاة.

وحول كيفية اهتمام مريض السكر بقدمه خلال الحج يقول إدريس: أهم النصائح التحكم الدقيق في معدل السكر بالدم الذي يعد المفتاح الرئيسي لتفادي جميع مضاعفات مرض السكر ومنها ما تصيب القدمين، وفحص القدم يوميا مع كل وضوء والذهاب إلى العيادات الميدانية فورا عند الشعور بألم لمدة طويلة في أي جزء من القدم أو ظهور علامات احمرار وتورم أو جراح مهما كانت صغيرة.

وصايا للحوامل

حذرت استشارية النساء والولادة في مدينة الملك سعود الطبية الدكتورة منى العواد المريضات الحوامل اللاتي يشتكين من أمراض مثل الأنيميا المنجلية بعدم تأدية فريضة الحج وذلك لخطورة تواجدها في الزحام وتعرضها للجفاف نتيجة المشي لوقت طويل تحت أشعة الشمس وبذلها لمجهود بدني مجهد، ما قد يؤدي إلى تدهور حالتها الصحية.

وأكدت أن الطريقة الأمثل لعدم تعرض المرأة لنزول الدورة عليها أثناء تأديتها فريضة الحج هي استخدام حبوب تمنع الدورة قبل ذهابها بفترة كافية وبعد استشارة الطبيبة، كما يجب على الحامل أخذ أدويتها التي تستعملها معها في الحج، والحرص على أخذ تطعيم الحمى الشوكية قبل 10 أيام من الذهاب للحج حيث لا تشكل أية خطورة على صحتها أو صحة الجنين، لبس الملابس الفضفاضة، شرب السوائل بكثرة، والبعد عن الزحام.

ونبهت إلى أنه في حالة تعرض المرأة الحامل لبعض الأعراض مثل الصداع الشديد، القيء المتكرر، الزغللة في العينين، أو نزول دم مهبلي يكون حينها لا بد من مراجعة أقرب مركز صحي.

الأمراض المزمنة

نصحت استشارية طب الأسرة والمجتمع الدكتورة منيرة بارجاء المصابين بالأمراض المزمنة بضرورة التأكد من لياقتهم الصحية لأداء فريضة الحج، وأخذ كمية كافية من الأدوية التي يستخدمونها، مع سؤال أطبائهم عن الإجراءات في حالة حدوث أي طارئ، وقد يطلب منهم الطبيب المتابع لحالتهم الصحية حمل تقرير طبي عن حالتهم الصحية.

وطالبت بارجاء المصابين بالأمراض المزمنة إذا كانت حالتهم غير مستقرة بعدم أداء الفريضة وخصوصا أولئك الذين يحتاجون غسلا كلويا لا سيما في حالة عدم توفر مركز في الحج قادر على متابعتهم، كذلك أيضا بعض مرضى القلب الذين سيكون الحج فيه الكثير من الجهد والمشقة عليهم لعدم قدرتهم على أداء فرائضهم، أما إذا كان الوضع الصحي مستقرا فلا يوجد مانع من أداء الحج.

مرضى القلب

الدكتور خالد النمر استشاري أمراض القلب والقسطرة قال إن فريضة الحج فيها الكثير من المشقة وكثرة التنقل وأغلب من يؤدي فريضة الحج هم كبار السن وأغلبهم ممن يعاني من مرض القلب ولذلك لا بد أن يقوم المريض بزيارة طبيبه لتحديد ما إذا كان يستطيع الحج أم لا ومن ثم القيام بترتيب علاجاته.

ودعا إلى ضرورة الابتعاد عن مناطق الازدحام وأوقات الذروة، مؤكدا أن هذا أمر بغاية الأهمية للحجاج عموما ومرضى القلب خصوصا، كما نصح الابتعاد عن الوجبات الدسمة الثقيلة كثيرة الملح، والإكثار من السوائل، وعدم الإكثار من استخدام مدرات البول لأن الجو جاف فمن المحتمل أن تسبب هبوطا في الضغط، وأهمية أخذ الفترة الكافية من النوم والابتعاد عن السهر والاجتهاد.

النمر اكد أن هناك فئة معينة لا ينصح بتأديتها فريضة الحج وهم أولئك الذين يعانون من آلام القلب من المرحلتين الثالثة والرابعة، والذين يشعرون بألم بالصدر عند المشي 10 أمتار فأقل، كذلك أصحاب الضغط غير المتحكم به، وضيق التنفس في المرحلتين الثالثة والرابعة من فشل القلب مع انتفاخ الأرجل، كذلك المريض خلال شهر من حدوث جلطة القلب أو إجراء دعامة للشرايين، وأخيرا من لديهم تضيق شديد في صمامات القلب.